سورة الذاريات - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الذاريات)


        


{قَالُواْ كَذَلِكِ} مثل ذلك الذي بشرنا به. {قَالَ رَبُّكِ} وإنما نخبرك به عنه. {إِنَّهُ هُوَ الحكيم العليم} فيكون قوله حقاً وفعله محكماً.
{قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسلون} لما علم أنهم ملائكة وأنهم لا ينزلون مجتمعين إلا لأمر عظيم سأل عنه.
{قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} يعنون قوم لوط.
{لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن طِينٍ} يريد السجيل فإنه طين متحجر.
{مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبّكَ} مرسلة من أسمت الماشية، أو معلمة من السومة وهي العلامة. {لِلْمُسْرِفِينَ} المجاوزين الحد في الفجور.
{فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا} في قرى قوم لوط وإضمارها ولم يجر ذكرها لكونها معلومة. {مِنَ المؤمنين} ممن آمنَ بلوط.
{فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مّنَ المسلمين} غير أهل بيت من المسلمين، واستدل به على اتحاد الإِيمان والإِسلام وهو ضعيف لأن ذلك لا يقتضي إلا من صدق المؤمن والمسلم على من اتبعه، وذلك لا يقتضي اتحاد مفهوميهما لجواز صدق المفهومات المختلفة على ذات واحدة.
{وَتَرَكْنَا فِيهَا ءايَةً} علامة. {لّلَّذِينَ يَخَافُونَ العذاب الأليم} فإنهم المعتبرون بها وهي تلك الأحجار، أو صخر منضود فيها أو ماء أسود منتن.
{وَفِى موسى} عطف على {وَفِى الأرض}، أو {ترَكْنَا فِيهَا} على معنى وجعلنا في موسى كقوله:
علفتها تبناً وماء بارداً ***
{إِذْ أرسلناه إلى فِرْعَوْنَ بسلطان مُّبِينٍ} هو معجزاته كالعصا واليد.
{فتولى بِرُكْنِهِ} فأعرض عن الإِيمان به كقوله: {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} أو فتولى بما كان يتقوى به من جنوده، وهو اسم لما يركن إليه الشيء ويتقوى به. وقرئ بضم الكاف. {وَقَالَ ساحر} أي هو ساحر. {أَوْ مَجْنُونٌ} كأنه جعل ما ظهر عليه من الخوارق منسوباً إلى الجن، وتردد في أنه حصل ذلك باختياره وسعيه أو بغيرهما.
{فأخذناه وَجُنُودَهُ فنبذناهم فِى اليم} فأغرقناهم في البحر. {وَهُوَ مُلِيمٌ} آت بما يلام عليه من الكفر والعناد، والجملة حال من الضمير في {فأخذناه}.
{وَفِى عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الريح العقيم} سماها عقيماً لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم، أو لأنها لم تتضمن منفعة، وهي الدبور أو الجنوب أو النكباء.
{مَا تَذَرُ مِن شَئ أَتَتْ} مرت. {عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم} كالرماد من الرم وهو البلى والتفتت.
{وَفِى ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حتى حِينٍ} تفسيره قوله: {تَمَتَّعُواْ فِى دَارِكُمْ ثلاثة أَيَّامٍ} {فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبّهِمْ} فاستكبروا عن امتثاله. {فَأَخَذَتْهُمُ الصاعقة} أي العذاب بعد الثلاث. وقرأ الكسائي {الصعقة} وهي المرة من الصعق. {وَهُمْ يَنظُرُونَ} إليها فإنها جاءتهم معاينة بالنهار.
{فَمَا استطاعوا مِن قِيَامٍ} كقوله: {فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جاثمين} وقيل من قولهم ما يقوم به إذا عجز عن دفعه. {وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ} ممتنعين منه.
{وَقَوْمَ نُوحٍ} أي وأهلكنا قوم نوح لأن ما قبله يدل عليه. أو أذكر ويجوز أن يكون عطفاً على محل {فِى عَادٍ}، ويؤيده قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي بالجر. {مِن قَبْلُ} من قبل هؤلاء المذكورين. {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فاسقين} خارجين عن الاستقامة بالكفر والعصيان.


{والسماء بنيناها بِأَيْدٍ} بقوة. {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} لقادرون من الوسع بمعنى الطاقة والموسع القادر على الإنفاق. أو {لَمُوسِعُونَ} السماء أو ما بينها وبين الأرض أو الرزق.
{والأرض فرشناها} مهدناها لتستقروا عليها. {فَنِعْمَ الماهدون} أي نحن.
{وَمِن كُلّ شَئ} من الأجناس. {خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} نوعين {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} فتعلمون أن التعدد من خواص الممكنات وأن الواجب بالذات لا يقبل التعدد والانقسام.
{فَفِرُّواْ إِلَى الله} من عقابه بالإِيمان والتوحيد وملازمة الطاعة. {إِنّى لَكُمْ مّنْهُ} أي من عذابه المعد لمن أشرك أو عصى. {نَذِيرٌ مُّبِينٌ} بين كونه منذراً من الله بالمعجزات، أو {مُّبِينٌ} ما يجب أن يحذر عنه.
{وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ الله إلها ءاخَرَ} إفراد لأعظم ما يجب أن يفر منه. {إِنّى لَكُمْ مّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} تكرير للتأكيد، أو الأول مرتب على ترك الإِيمان والطاعة والثاني على الإِشراك.
{كذلك} أي الأمر مثل ذلك، والإِشارة إلى تكذيبهم الرسول وتسميتهم إياه {ساحراً أو مجنوناً} وقوله: {مَا أَتَى الذين مِن قَبْلِهِمْ مّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ ساحر أَوْ مَجْنُونٌ} كالتفسير له، ولا يجوز نصبه ب {أتى} أو ما يفسره لأن ما بعد {مَا} النافية لا يعمل فيما قبلها.
{أَتَوَاصَوْاْ بِهِ} أي كأن الأولين والآخرين منهم أوصى بعضهم بعضاً بهذا القول حتى قالوه جميعاً. {بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغون} إضراب عن أن التواصي جامعهم لتباعد أيامهم إلى أن الجامع لهم على هذا القول مشاركتهم في الطغيان الحامل عليه.
{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} فاعرض عن مجادلتهم بعدما كررت عليهم الدعوة فأبوا إلا الإِصرار والعناد. {فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ} على الإِعراض بعد ما بذلت جهدك في البلاغ.
{وَذَكَرَ} ولا تدع التذكير والموعظة. {فَإِنَّ الذكرى تَنفَعُ المؤمنين} من قدر الله إيمانه أو من آمن فإنه يزداد بها بصيرة.
{وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} لما خلقهم على صورة متوجهة إلى العبادة مغلبة لها، جعل خلقهم مُغيابها مبالغة ذلك، ولو حمل على ظاهره مع أن الدليل يمنعه لنا في ظاهر قوله: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مّنَ الجن والإنس} وقيل معناه إلا لأمرهم بالعبادة أو ليكونوا عباداً لي.
{مَا أُرِيدُ مِنْهُم مّن رّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ} أي ما أريد أن أصرفكم في تحصيل رزقي فاشتغلوا بما أنتم كالمخلوقين له والمأمورين به، والمراد أن يبين أن شأنه مع عباده ليس شأن السادة مع عبيدهم، فإنهم إنما يملكونهم ليستعينوا بهم في تحصيل معايشهم، ويحتمل أن يقدر بقل فيكون بمعنى قوله: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} {إِنَّ الله هُوَ الرزاق} الذي يرزق كل ما يفتقر إلى الرزق، وفيه إيماء باستغنائه عنه، وقرئ: {إني أنا الرزاق} {ذُو القوة المتين} شديد القوة، وقرئ: {المتين} بالجر صفة ل {القوة}.
{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً} أي للذين ظلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكذيب نصيباً من العذاب. {مّثْلَ ذَنُوبِ أصحابهم} مثل نصيب نظرائهم من الأمم السالفة، وهو مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء بالدلاء، فإن الذنوب هو الدلو العظيم المملوء. {فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ} جواب لقولهم: {متى هذا الوعد إِن كُنتُمْ صادقين} {فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ الذى يُوعَدُونَ} من يوم القيامة أو يوم بدر. عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة والذاريات أعطاه الله عشر حسنات بعدد كل ريح هبت وجرت في الدنيا».

1 | 2